مجلة الكواكب أعداد قديمة
مجلة الكواكب، الصادرة عن دار الهلال منذ عام 1932، كانت أيقونة الصحافة الفنية في العالم العربي، حيث وثّقت على مدى عقود مسيرة السينما والمسرح والموسيقى، وقدمت للقراء حوارات حصرية وأخبار النجوم بأسلوب راقٍ يجمع بين التوثيق الفني والمتعة الصحفية.
استمرت المجلة كمنبر رائد للفن حتى صارت مرجعًا تاريخيًا يحفظ ذاكرة الفن العربي.
مجلة الكواكب وتاريخها
مجلة «الكواكب» هي إحدى أعرق المجلات الفنية المصرية، صدرت لأول مرة في 28 مارس 1932 عن دار الهلال التي أسسها الصحفي اللبناني جورجي زيدان
. نشأت المجلة في ظل انطلاق السينما الناطقة في مصر، فكانت تهدف إلى تغطية أخبار السينما والدراما والمسرح بصفة أسبوعية. في عددها الأول ظهر على الغلاف صورة المطربة نادرة (بطلة فيلم أنشودة الفؤاد – أول فيلم عربي ناطق)، واشتمل على 34 صفحة من أخبار الأفلام، وتقارير كواليس، ومقابلات مع نجوم الفن مثل الكوميديان علي الكسار
. ركزت «الكواكب» منذ بداياتها على نشر ملخصات أفلام الأسبوع المتداولة في دور العرض المصرية، وأخبار الأفلام الجاري تصويرها، إلى جانب مقابلات وتقارير مطولة مع نجوم السينما والمسرح
التطور التحريري والتجديد
في سنواتها الأولى لم يكن هناك رئيس تحرير مخصص لـ«الكواكب»، بل كان البنيان العام للإصدار تحت إشراف إميل وشكري زيدان – ابني مؤسس الدار – دون تعيين محرر أول حتى عام 1949
. ومنذ ذلك الحين توالى رؤساء التحرير لتقوم المجلة بتجديد أسلوبها التحريري ومواكبة تطورات الفن. فمن أبرز رؤساء التحرير الذين قادوا «الكواكب» على مر العقود: فهيم نجيب (1949)، مجدي فهمي (1959)، سعد الدين توفيق (1962)، رجاء النقاش (1966 و1992)، راجح عنايت (1970)، كمال النجمي (1971)، حسن إمام عمر (1981)، حسن شاه (1984)، محمود سعد (2002)، فوزي إبراهيم (2006)، هشام الصواف (2011)، أشرف غريب (2012)، وقد استمرت «الكواكب» حتى عام 2016 على الأقل تحت هذه الأسماء
الشخصيات المؤثرة في تحريرها
جمهور المجلة وأثرها الثقافي
إستهدفت «الكواكب» في المقام الأول جمهور عشاق الفن السابع والثقافة الشعبية في مصر والعالم العربي. كان القراء من جمهور السينما والمسرح والإذاعة والتلفزيون، وأيضًا من متابعي أخبار النجوم وأساليب حياتهم. ولذلك حققت المجلة انتشارًا واسعًا، حتى صار غلافها محراب نجومية: فكان الظهور على الغلاف بمنزلة جواز مرور نحو الشهرة للفنانين
. وأوردت مصادر تاريخية أن سباق القراء على اقتناء نسخ «الكواكب» بلغ حد المنافسة، خاصة بعد أن صارت المجلة تعطي ملاك كل نسخة هدية على شكل ملصق (“بوستر”) كبير لنجمة سينمائية
. للمجلة فضل كبير في توثيق الحركة الفنية المصرية؛ فهي بمثابة «أرشيف ضخم» لتاريخ الفن والسينما المصرية قرابة القرن
. فقد تنقلت عدساتها وكتابها مع كل الأجيال الفنية، فمن جيل الرياحيني والنابلسي في الثلاثينات إلى جيل الخمسينات والستينات (مثل نجيب الريحاني وأمينة رزق ويوسف وهبي)، وصولًا إلى الألفية الجديدة. وبهذا الاحتفاء المتواصل كانت «الكواكب» تروي تفاصيل حياة النجوم وأخبارهم الخاصة، فتساهم في تشكيل الذاكرة الجماعية لعشاق الفن. ولعل من أشهر أمثلة ذلك أنها وثّقت حياة المطرب عبدالحليم حافظ في كل جولاته الفنية؛ حيث لا يزال أرشيف “الكواكب” المصدر الوحيد المصوّر لمعظم زياراته خارج مصر
. كما يعد نشرها حوارات وأخبار مثل حفل عمر الشريف بعد عرض لورنس العرب حدثًا فنيًا مميزًا، وشهادتها تلك محفوظة في أعداد المجلة
. في المجمل، أثّرت مجلة «الكواكب» في وعي القرّاء المصريين بجوانب الفن والثقافة. فقد ارتقى بها جمهور السينما والمسرح نحو الذائقة الفنية، وتعرف بسببها العديد منهم على تفاصيل صناعة الفن وقضاياها. وكتبت المراجع أن إيقاف صدورها عام 2022 كان بمثابة إلغاء اسم مجلة فنية عريقة تميزت بأنها كانت معبرة عن “القوى الناعمة” في مصر والعالم العربي.
علاقتها بدار الهلال ومكانتها بين الإصدارات
تصدر مجلة «الكواكب» مؤسسة دار الهلال المصرية، التي تعدّ أقدم مؤسسة ثقافية وصحفية في مصر والعالم العربي (تأسست عام 1892 على يد جورجي زيدان)
. وبتاريخ صدورها المبكر أصبحت «الكواكب» واحدة من أقدم المطبوعات الفنية التابعة للدار، إلى جانب مجلات أخرى عريقة مثل «الهلال» و«المصور» و«حواء» و«سمير» وغيرها
. وبهذه المكانة الرفيعة كان لاسم دار الهلال وقيمة إصداراته دور في ترويج المجلة، فكانت تُعرض أعداد «الكواكب» في مكتبات ومشاتل دار الهلال كمنشور أساسي إلى جانب إصدارات الدار الأخرى. وقد تنافست «الكواكب» على مكانتها مع المجلات الفنية الصادرة عن دور نشر أخرى، لكنها حافظت على هويتها الخاصة كمجلة أسبوعية متعمقة في شؤون الفن والمشاهير. من جهة أخرى، حافظت «الكواكب» على ارتباط وثيق بدار الهلال في التجديد وتبني التقنية. فعلى سبيل المثال، تحرص المؤسسة غالبًا على دمج مقالات المجلة ومحتوياتها في منصاتها الرقمية عند إصدارها، وتقوم دوريًا بمراجعة أسلوب الطباعة وجودة الإخراج الفني بما يتناسب مع المعايير الصحفية في الدار. لذا عاش «الكواكب» جنبًا إلى جنب مع أقرانها في بيت الهلال تطورات وسائل النشر وتغيرات سوق الصحافة.
التوقفات والتحولات
على الرغم من استمرارية الصدور الورقي لمجلة «الكواكب» لمدة تقارب 90 عامًا، مرّت أعداد المجلة بأوقات توقف أو تغيرات ملحوظة. ففي فترات الحرب العالمية الثانية مثلاً ضُبطت وتيرة نشرها لتتناسب مع الأزمة، كما شهدت ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين تجديدات بصرية في طباعة الغلاف والأحبار. أما في النصف الثاني من عام 2022 فقد اتخذت الدولة قرارًا تاريخيًا بوقف نسختها الورقية. ففي يونيو 2022 أعلنت الهيئة الوطنية للصحافة المصرية أنها أوقفت إصدار «الكواكب» الورقي ودمجت المجلة مع مجلة المرأة «حواء» مع تحويلهما إلى إصدارات رقمية
. جاء هذا القرار في سياق مشاريع قومية لرقمنة الصحافة ورفد الإصدارات القومية بمواقع إلكترونية، خاصةً في ظل ضغوط ارتفاع تكاليف الورق والطباعة وضعف المبيعات. وبذلك انتهى عصر النشر الورقي لـ«الكواكب» الذي بدأ عام 1932، وتم إصدار العدد الأخير مطبوعًا في مايو 2022.
الوضع الحالي لـ«الكواكب»
بعد إيقاف النسخة المطبوعة في 2022، تحوّلت «الكواكب» إلى شكلها الرقمي الحالي ضمن مظلة دار الهلال. فقد جرى إطلاق موقع إلكتروني خاص باسمها (ضمن موقع مؤسسة دار الهلال الإلكتروني) يواصل تغطية أخبار الفن والحياة الفنية، ويصدر مقالات حديثة تحمل شعار المجلة. ويقود تحرير هذا الموقع صحفيون متخصصون في الثقافة والفن، ويستمر نشر حوارات وتقارير تقليدية بأسلوب يتناسب مع النشر الإلكتروني. وبالرغم من ذلك فإن «الكواكب» بالنسخة الرقمية الجديدة تحافظ على النكهة الأسلوبية نفسها والتوجه الفني الذي كان يميزها، فهي ما زالت مرجعًا لجميع ما يهم جمهور الفن من أخبار وتحليلات. وعلى الرغم من تغيّر شكلها من ورقي إلى رقمي، تبقى «الكواكب» علامة فارقة في التاريخ الصحفي المصري، ومرجعًا موثوقًا لأرشيف ثقافي قديم ذا أبعاد اجتماعية وفنية ممتدة. المصادر: تم الاستناد في هذا البحث إلى المصادر الصحفية والموسوعية التالية: مجلة الجزيرة نت التي وثقت تاريخ المجلة وقرار إيقافها
روابط تحميل مجلات الكواكب //
روابط مجمعة لمجلات الكواكب //
مجلة الكواكب عدد 27 مارس 2012 خاص عبدالحليم حافظ
سيتم تحديث الموضوع بشكل مستمر واضافة اعداد جديدة اول بأول
إرسال تعليق
0 تعليقات