العدد 837 مجلة ميكي مايو 1977

العدد 837 من مجلة ميكي الصادر بتاريخ : 5 مايو 1977م

داخل العدد / قصتان كاملتان 

العدد بصيغة CBR & PDF


الاولاد يختبئون علي الشجرة من بطوط الغاضب علي غلاف مجلة ميكي المصرية دار الهلال القديمة اعداد السبعينات


سيتم اضافة رابط PDF للعدد قريبا


القصص الواردة في هذا العدد : 

قصة هروب التنين الحلقة الاخيرة
حلويات الجدة بطة 
سوبر ورطة !
بريد القراء


-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-


إبليس ينتصر! 

بقلم الكاتب الكبير توفيق الحكيم 

    اتخذ قوم شجرة، صاروا يعبدونها.. فسمع بذلك رجل مؤمن بالله، فحمل فأساً و ذهب إلى الشجرة ليقطعها.. فلم يكد يقترب منها، حتى ظهر له "إبليس" حائلاً بينه و بين الشجرة و هو يصيح به:  

-مكانك آيها الرجل!... لماذا تريد قطعها؟ 

-لأنها تضل الناس 

-و ما شأنك بهم؟... دعهم فى ضلالهم! 

-كيف أدعهم... و من واجبى أن أهديهم. 

-من واجبك أن تترك الناس أحراراً، يفعلون ما يحبون. 

-أنهم ليسوا أحراراً... انهم ليسوا أحراراً ... انهم يستمعون إلى وسوسة الشيطان. 

-أو تريد أن يستمعوا إلى صوتك أنت؟!  

-أريد أن يستمعوا إلى صوت الله! 

-لست أدعك تقطع هذه الشجرة. 

-لابد لى من أن أقطعها. 

   فأمسك "إبليس" بخناق الرجل... و قبض الرجل على قرن الشيطان... و تصارعا طويلاً... إلى أن أنتهت المعركة بانتصار الرجل ... فقد طرح الشيطان على الأرض و جلس على صدره و قال له:  

-هل رأيت قوتى! 

-فقال إبليس المهزوم بصوت مخنوق:  

-ما كنت أحسبك بهذه القوة.... دعنى و أفعل ما شئت... 

   فترك الرجل الشيطان... و كان الجهد الذى بذله فى المعركة قد أتعبه... فعاد إلى داره و استراح ليلته... فلما كان اليوم التالى حمل فأسه، و ذهب يريد قطع الشجرة، و إذا "إبليس" يخرج له من خلفها صائحاً:  

-أَعُدتَ اليوم أيضاً لقطعها؟! 

-قلت لابد لى من أن أقطعها. 

-أو تظنك قادراً على أن تغلبنى اليوم أيضاً؟ 

-سأظل أقاتلك حتى أُعَلىِ كلمة الحق! 

-أرنى اذن قدرتك! 

و أمسك الرجل بقرنه... و تقاتلا و تصارعا... إلى أن انتهت الموقعة بسقوط الشيطان تحت قدمى الرجل... فجلس على صدره و قال له:  

-ما قولك الآن فى قدرتى؟! 

-حقاً... ان قوتك لعجيبة...دعنى وافعل ما تريد. 

   لفظها الشيطان بصوته المرتعش المخنوق... فأطلق الرجل سراحه... و ذهب إلى داره و أستلقى من التعب و الاعياء حتى مضى الليل و طلع الصبح فحمل الفأس، و ذهب إلى الشجرة، فبرز له "إبليس" صائحاً فيه:  

-ألن ترجع عن عزمك أيها الرجل؟! 

-أبداً لابد من القضاء على هذا الشر! 

-أتحسب أنى أتركك تفعل؟! 

-إن نازلتنى فإنى سأغلبك. 

   فتفكر "إبليس" لحظة... و رأى أن القتال و المصارعة مع هذا الرجل لن تتيح له النصر عليه فليس أقوى من الرجل يقاتل من أجل فكرة أو عقيدة. 

ما من باب يستطيع "إبليس" أن ينفذ منه إلى حصن هذا الرجل غير باب واحد: الحيلة  

فتلطف إلى الناسك و قال له بلهجة الناصح المشفق:  

-أتعرف لماذا أعارضك فى قطع هذه الشجرة ؟! 

   أنى ما أعارض إلا خشية عليك و رحمة بك ... فإنك بقطعها ستعرض نفسك لغضب الناس من عبادتها... مالك و هذه المتاعب تجلبها على نفسك ؟ ... أترك قطعها و أنا أجعل لك فى كل يوم دينارين تستعين بهما على نفقتك... و تعيش فى أمن و طمأنينة و سلامة! 

-دينارين ؟! 

-نعم... فى كل يوم ... تجدهما تحت وسادتك! 

ففكر الرجل طويلاً ثم هز رأسه و قال لإبليس:  

-و من يضمن لى قيامك بالشرط ؟! 

-أعادهك على ذلك ... و ستعرف صدق عهدى. 

-سأجربك. 

-أتفقنا. 

   و وضع "إبليس" يده فى يد الرجل، و تعاهدا، و انصرف الرجل إلى داره و صار يستيقظ كل صباح و يمد يده و يدسها تحت وسادته فتخرج بدينارين... حتى انتهى الشهر... و فى ذات صباح دس يده تحت الوسادة فخرجت فارغة... لقد قطع "إبليس" عنه فيض الذهب ... فغضب الرجل... و نهض فأخذ فأسه... و ذهب إلى قطع الشجرة.  

فأعترضه "إبليس" فى الطريق، و صاح فيه:  

-مكانك! ... إلى أين؟ 

-إلى الشجرة... أقطعها! 

فقهقه الشيطان ساخراً 

-تقطعها لأنى قطعت عنك الثمن! 

-بل لأمحو الشر و أضئ مشعل الهداية! 

-أنت ؟! 

-أتهزأ بى آيها اللعين ؟! 

-لا تؤاخذنى! ... منظرك يثير الضحك! 

-أنت الذى يقول هذا.. آيها الكاذب ؟! 

   و أنقض الرجل على "إبليس" و  قبض على قرنه... و تصارعا لحظة و إذا المعركة تنجلى عن سقوط الناسك تحت حافر إبليس... فقد انتصر و جلس على صدر الرجل و صار يقول له:  

-أين قوتك الآن آيها الرجل ؟! 

فخرج من صدر الرجل المهزوم صوت ضعيف مرتعش يقول.  

-أخبرنى كيف تغلبت آيها الشيطان! 

   فقال له إبليس:  

لما غضبت لله غلبتني، و لما غضبت لنفسك غلبتك... لما قاتلت لعقيدتك صرعتنى و لما قاتلت لمنفعتك صرعتك. 

 
 

انتقل الي العدد التالي : العدد 838

العودة الي العدد السابق : العدد 836


للأنتقال الي الفهرس الكامل لكل اعداد مجلة ميكي 

إرسال تعليق

0 تعليقات