بقلم : الدكتور عبدالرحمن نورالدين
ظل يعمل طوال حياته حتى أصبح مليونيرا و فجأة قرر أن يترك العمل ونيبدا فى استمتاعه بارباح الملايين . اشترى سيارة خاصة صنعت له بمواصفات غير عادية وبها كماليات عديدة من التليفزيون وراديو ستريو حتى مائدة خاصة للطعام وكل ذلك فى جو مكيف باستمرار فاذا جلس فيها أصبح في ربيع دائم لا يهمه شتاء أو صيف جعل فى السيارة متاعا ليس له نهاية وقرر أن يطوف العالم ويجول فى اركانه الاربعة ويتعرف على الشعوب من قريب .
طاف فى اوروبا وطاف فى أرجاء روسيا الشاسعة وبالتدريج حملته السيارة الفاخرة حتى وصل الى منغوليا والتبت . قابل اناسا
فى اقصى أقاصى الأرض وجال فى أماكن قلما رادها انسان من قبل . وفى يوم كان يقود سيارته فى طريق ضيق غير
معبد ولكنه لم يكن يحس بای متاعب وهو يركب سيارتة الفاخرة .
كانت الجبال العالية نحيط به من كل جانب بينما خلا الطريق تقريبا من المرور الا فى النادر حيث كان يقابل لوريات قديمة عتيقة أوعربات تجرها الثيران . أدار مفتاح الراديو واخذ يستمع الى الموسيقى الراقصة التي تتردد
في السماعات الاستريو خلال جوانب السيارة المغلقة .
أحس بسعادة وحرية وهو هناك بعيد من العالم المتحضر ولكن من داخل حصنه العظيم انتهى الطريق عند حدود الدولة التي تركها . قابله
ثلاثة من حراس الحدود أحاطوا بالسيارة و هم ينظرون اليها في دهشة واعجاب أخذ يداعبهم باطلاق النغم الموسيقى او يرفع أو يخفض
زجاج السيارة او سقفها اوتوماتيكيا . ثم اعطاهم بعض النقود وعبر الى الناحية الاخرى .
قابله جندى يرتدى ملابس رثة ويحمل في يده كوبا من الصفيح يرتشف منه شرابا ما بينما وقف ينظر اليه ببرود .
أعطاه جواز السفر فغاب فى داخل مبنى صغير متداعى وعاد بعد مدة ليست قصيرة كان قد ختم جواز السفر بختم الدولة التي لا يعرف
لها اسما بينما أضيفت عبارة مكتوبة بلغة انجليزية ركيكة : » نحن نرحب بك دائما ونتمنى اقامة سعيدة ولكن نرجو منك
البقاء فى المدينة العاصمة وعدم التوغل فى الطرقات الجانبية حتى لا يصيبك مكروه « ضحك فى سره ثم انطلق بالسيارة وهو يغنى حتى وصل بلدة صغيرة وهى العاصمة ولا تحتوى الا على عدد من المنازل بعد على الاصابع .
ذهب الى الفندق الوحيد حيث بات ليلته في غرفة صغيرة ولكنها نظيفة . في الصباح سال صاحب الفندق من الأماكن التي يمكن زيارتها
فاعطاه خريطة للبلاد . لم تكن تحوى أكثر من ثلاثة طرق رئيسية وبعض الطرق الفرعية الصغيرة .
ركب سيارته الفاخرة وقادها فى الطريق المقابل للطريق الذي قدم منه الى البلدة .
كان طريقا طبيعيا لا يتسع الا لمرور سيارة واحدة ولكن لحسن الحظ لم تقابله سيارات أخرى .
انتهى الطريق بدخوله الى قرية صغيرة ما ان دخلها حتى احاط به الناس من سكانها ينظرون في دهشة وفى خوف الى السيارة . .
ونزل منها وحاول أن يسأل بعضهم عن اسم المكان و أين يستطيع أن يتناول طعامه فقد أصابه الجوع والعطش ولكن السكان كانوا يتحاشون طريقه . حتى يئس من الكلام وقرر مواصلة السير بالسيارة وكانت الخريطة التي معه تحدد القرية لنهاية الطريق الذي أتى منه ولكنه قرر مواصلة السير فى الاتجاه العكسى ليصل الى نهاية الطريق الحقيقية .
كان يظن أن الطريق سينتهي بعد مسافة قريبة ولكن المسافة طالت الى أميال ومازال الطريق مستمرا . لم يیأس واستمر فى الطريق
الذي يزداد وعورة حتى أصبح السير صعبا حتى على السيارة الفاخرة . فجأة قفزت امامه قرية في باطن الجبل ، لم يكن لها اية اشارة فى الخريطة .
عجبا كيف ذلك وهي قرية كبيرة واضحة المعالم . دخل الى القرية فوجدها خاوية تماما كان هناك شارع واحد متسع يتوسطه ما يشبه
الميدان. فوقف فى هذا الميدان ونزل من السيارة و جال بنظره فرأى بابا فى منزل مقابل ، لم يتردد وفتحه على مصراعيه .. قابلته
صرخات فزعة بينما رأى في الضوء الخافت حجرة صغيرة بها اناس قصيرو القامة اندفعوا خائفين الى جوانب الحجرة ، إبتسم لهم مشجعا دون جدوى ، انسحب خارجا قتبعوه خائفين حتى وصل الى السيارة فتوقفوا بعيدا ينظرون فى بلاهة و خوف .
اخذت الجموع تتوافد و تحيط بالسيارة من كل جانب ولكنهم بقوا على بعد مترين منها .
انته فكرة فدخل السيارة وضغط على نغيرها فارتفع صوت الموسيقى عاليا .. أصابهم الرعب وانفك الجمع مبتعدا .. أخذ يشير اليهم
مطمئنا فعادوا للاقتراب :
أخذ يحرك اجزاء السيارة السقف ، والنوافذ .. بدير الراديو والموسيقى ..
سمع همهمة في وسط الجمع وفجاة انبطح الجميع على وجوههم وهم ينشدون بأصوات عالية ثم ظهر من بينهم شخصان يحملان وردا وبعض الاقصان اقتربا فى خشوع من مقدمة السيارة ثم وضعا ما يحملان على مقدمتها خاشعين ..
فجاة عرف الحقيقة ...
هؤلاء الغرباء لقد قرروا عبادة السيارة !!
فجأة اصابه الخوف وقرر التصرف . دخل الى السيارة واغلق الباب و أدار المحرك . توقفت الحركة تماما ووقف الجميع
مدهوشين دن حراك . تحرك فجأة الى الأمام واتجه نحو الطريق .. وفجاة افاق الجميع وسرت زمجرة غاضبة
لقد قرر الاله الفرار ، والالهة لا تهرب .. اذن فهو شیطان ، انهالت الاحجار من كل جانب ، فاصابت هيكل السيارة الجميل و لكنه لم يتوقف بل زادت سرعته حتى وصل الى الطريق الذى اتى منه ، ، واندفع فيه ، بينما اخذت اصوات المطاردين تخفت بالتدريج .
مر بالقرية الاخرى ولم يتوقف . واجتاز البلدة ولم يتوقف حتى وصل الى الحدود .
قابلة جندى رث الثياب وهو يبتسم بتهكم . نظر إلى السيارة المهشمة الجوانب ثم ضحك و قال ، خرج السيد عن الخريطة فتاه . . ان
التحذير لم يكتب سدى فى جواز السفر ..
عاد من حيث أتى وهـو يحدث نفسه قائلا :
ترى لو كنت بقيت في هذه القرية ، هل كنت الان طعاما لهؤلاء الوحوش ، أم ترى قد كنت أصبح الكاهن الاعظم للاله الليموزين .
إرسال تعليق
0 تعليقات