العدد 916 مجلة ميكي نوفمبر 1978

العدد 916 من مجلة ميكي الصادر بتاريخ : التاسع من نوفمبر 1978م


مع العدد هدية : 
تمثال بطلك المفضل / من البلاستيك الملون


العدد بصيغة CBR & PDF




سيتم اضافة رابط PDF للعدد قريبا



القصص الواردة في هذا العدد : 


سيتم الاضافة قريباً



اقرأ اون لاين من صفحات العدد : 


رحله الخراف الى قريه الحياه!!
بقلم : عاطف سعودي

ليلة عيد الأضحى المبارك اجتمعت الخراف والكباش بإحدى القرى لتتحدث عن مصيرها في اليوم التالي. كانت جميعها خائفة ولا يدرى واحد منها هل سيحل عليه الدور في صباح العيد ليكون الضحية أم سينجو بجلده وينتظر الى مناسبة اخرى ليلقى نفس المصير . «كانت جميعها ترى ان ما يفعله الانسان بها هو اعتداء لا يليق » . واتفقت فيمــا بينها على مقاومة هذا الاعتداء الإنساني لكنها اختلفت على الطريقة التي يجب ان تتم بها هذه المقاومة. فمن قائل بتقديم شكوى الى جمعيـة الرفق بالحيوان ومن قائل بترك الحظائر والهروب الى الخلاء للاختباء ومن قائل بإدعاء المرض أو الإصابة ومن قائل بمواجهة الانسان بالحجة والمنطق وتقديم مظلمة جماعية الى حضرة العمدة .
ولما فشل مجتمع الخراف في الاتفاق على رأى واحد جلست الأضاحي حزينة ساهمه واجمة تجتر خيبتها وتطحن الامها حتى قفز من بينها خروف ناصح صغير . قفز فجأة ليقول : « وجدتها .. وجدتها يا رفاق »
​صاحت كل الخراف في نفس واحد: « قل أيها الزميل وعجل وهات ما عندك » سكت الخروف الصغير وعيون الخراف كلها معلقة عليه هز ذيله برهة ثم مشى متفاخراً بينها قبل أن يقول: « نلجأ الى كبيرنا يا رفاق شيخ الخراف منان الحكمة ومستودع الرأي الراجح سنجد الحل عنده دون شك هيا أسرعوا »
​أسرعت الخراف الى شيخها الوقور كان قد انتهى لتوه من عشائه وجلس يجتر ما التهمه على عجل من حبات الذرة وكسر الفول 
​سلمت الخراف على الكبش الكبير بإحترام واجلال ثم قالت: « دبرنا يا حكيم الصبح آت وأنت تعلم ما يحدث بنا كل عام نخشى يا كبير على مصير الصغار من بعدنا من يطعمها ويرعاها ويقرب أعواد البرسيم الى أفواهها ويدلها على طريق الماء في الغدير دبرنا يا كبير من يهيئ لها مكانها في الحظائر لتنام وتستريح هذا الأنسان الظالم لا يرحم ، هوايته العزف على أوتار رقابنا بالسكين دبرنا يا حكيم »
أخذت الخراف الذكور تصيح وتحتج والأناث تبكي وتولول تأثر الكبش الحكيم لشكوى بني جنسه وأعمل فكره يبحث عن حل لهذه المشكلة الأبدية . هز ذقنه الطويلة عدة مرات وحك قرنه اللولبية في الحائط الذي يقع الى جواره قبل أن يقول:
« يا رفاق .. خبروني من عدوكم ؟ »
​قالت جماعة الخراف في صوت واحد:
« الأنسان يا حكيم »
​قال: « لا خطأ خطأ جسيم »
​قالوا: « ومن يكون غيره يا حكيم ؟ »
قال : « السكين » !!
​قالوا بإستغراب: « السكين »
​قال: « نعم السكين أليست هي التي تقتلكم »
​نظرت الخراف بعضها الى بعض في حيرة لكنها لم تعترض على رأي الزعيم:
« وماذا ترى من حل أيها الزعيم »
​قال: « تجمعونها جميعاً من منازلكم وتلقون بها في هذا النهر القريب من القرية تجردون الأنسان من سلاحه فلا يجد وسيلة لنحركم وقطع رقابكم وبهذه الطريقة تعيشون الى الأبد في سلام وأمان »
فرحت الخراف فرحاً شديداً لهذا الرأي السديد وقبلوا رأسه وأخذوا يثنون على حكمته وكبر مخه ثم انتظموا في حلقات للرقص وجعلت الأناث ترقص وتتمايل والذكور تغني وتنشد حتى انتصف الليل فأسرع كل خروف الى منزل صاحبه .
وفي حذر شديد تسلل كل خروف الى مكان السكين والتقطها بفمه وأسرع بها الى النهر وألقى بها فيه .
كل السكاكين صارت في قاع النهر وأصبح الصباح .
قام أهل القرية مبكرين فرحين بمقدم العيد ومستبشرين . خرجوا الى الجوامع لتأدية صلاة العيد وهم يرتدون ملابسهم الجديدة ثم عادوا الى منازلهم ليجدوا مفاجأة كبرى في إنتظارهم . ليس في بيوتهم سكين واحدة . كل البيوت خلت من السكاكين .
أخذوا يفكرون . فكروا في كل احتمال الا أن تقوم الخراف الماكرة بهذا العمل .
وأخيراً ترك أهل القرية الخراف لحالها ومرت الأيام
وتوالت الشهور « فماذا حدث ؟! »
​تناسلت الخراف وتوالدت وزاد عددها زيادة كبيرة أصبح كل بيت يضم عشرات الخراف مئات الخراف .
ضاقت الحظائر بالخراف . لم تجد مكاناً مريحاً تنام فيه . قل نصيبها من البرسيم والعلف . جاعت الخراف فتوترت أعصابها . أصبحت الخناقات والمنازعات تقوم بينها لأتفه الأسباب . خلاف على عود من البرسيم  حبة من الذرة على سفة من كسر الفول . قلت قيمة الخراف في نظر الناس فأصبحوا لا يهتمون بها وعجز الطبيب البيطري في القرية عن تقديم الرعاية الطبية الواجبة لها فساءت حالتها الصحية تغيرت نظرات الإعجاب والحنان في عيون أصحابها .
صار صاحب البيت يولي ظهره لخرافه . عز ذلك على الخراف التي ألفت المودة وداخلها الشعور بالذنب فساءت حالتها النفسية أيضاً ثم تطورت الأمور حتى وصلت الى حد الطرد والتشريد  لأي خروف يرتفع صوته قليلاً ولو كان ذلك دون قصد 
بقي الحال على هذا المنوال الى أن أدركت الخراف أن الموت الذى تفر منه نعمة كبرى سنة من سنن الحياة .
إرادة الإله الأعظم . عرفت الخراف أن مع الموت تولد الحياة ويزدهر العيش وتتورد خدود الدنيا . تأكدت الخراف أن لصغارها التى تخاف عليها رباً لا ينساها وأنه هو الذى يرزقها ويتكفل بها . عرفت ايضاً ان العيش السديد ليس بالعمر المديد ولكن بمقدار العطاء والتضحية .
ظهر لها انها اذا بخلت بالبعض منها على الإنسان فقدت جميعها قيمتها فى نظره . وأصبحت كلها دون استثناء أشياء متحركة لا معنى لها .
​وعندما استقر ذلك كله فى داخل رؤوسها بحثت عن حل للخروج من هذه الأزمة للخلاص من هذه الضائقه وأخيراً قررت الرحيل على الفور الى أين ؟ الى القرية المجاورة حيث تكثر السكاكين خرجت الجماعة الأولى مهاجرة الى القريه المجاورة . لمحها شيخ الكباش . أستوقفها وسألها عن وجهتها ولما علم بما نوت عليه الجماعة قال فى صوته الأجش:
« تذهبون الى قرية الحياة الرغيدة وتتركوننى هنا و أقسم بالله لاكونن أول الذاهبين الى قرية السكين !! »


--------------------------


انتقل الي العدد التالي : العدد 917

العودة الي العدد السابق : العدد 915




إرسال تعليق

0 تعليقات