العدد 548 من مجلة ميكي بتاريخ اكتوبر 1971

العدد 548 من مجلة ميكي الصادر بتاريخ : 21 أكتوبر 1971 م

مع العدد هدية // فانوس رمضان

داخل العدد // الحلقة الاولى من قصص الأنبياء

سيتم اضافة المزيد

العدد بصيغة CBR & PDF


غلاف ميكي رمضان السبعينات رسمة مصرية تصميم رمضاني والت ديزني ميكي ماوس

سيتم اضافة رابط تحميل PDF 


القصص في العدد :

سر الصندوق الأسود
تعلوب في قصة كاملة " مسألة شهامة ! "
عم دهب و الجدة بطة في قصة " عجينة يا زمن "
دهب في مدينة الغجر 
ضحكات رمضانية
صفحات بريد القراء


-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=--=-=-=-=-

أجمل القصص : آدم عليه السلام

" بقلم أحمد بهجت"

كل قصة في الدنيا لها مكان وزمان.. ومعظم القصص بطلها إنسان... وتبدأ القصص عادة بأن تقول : كان يا مكان.. في قديم الزمان.. وسالف العصر والأوان..

تختلف القصة التي سنحكيها الآن.. لأن قصتنا تبدأ قبل أن يُخلق الإنسان. وقبل أن يوجد الزمان والمكان..

في يوم بعيد .. بعيد

في البداية الأولى كان الله.. ولا شئ مع الله ولا شئ سوى الله.. له وحده السلام والجلال.. وله وحد الكبرياء والجمال.. لم يكن هناك هذا الكون الذي نعيش فيه ونعرفه بأرضه وقمره وشمسه ونجومه.. لم يكن هناك غير نور الله.. وهو نور يستحيل على العقل أن يتصوره أو يحيط به.. مثلما يستحيل أن ننقل البحر العظيم إلى حفرة صغيرة حفرها أحد الأطفال بجوار الشاطئ.

خالق الكون

في يوم بعيد .. بعيد

أراد الله سباحنه وتعالى أن يخلق الكون. أراد أن يخلق الأرض والشمس والقمر والنجوم.. أراد أن يخلق البحار والرياح والزهور والفراش والأسماك والطيور.. أراد أن يخلق كل شئ..

وعندما يريد الله شيئا فإنه يأمره بأن يوجد.. يقول له كن فيكون على الفور :

" إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون "

وهكذا أمر الله السماوات والأرض وما بينهما أن يتكونوا أو يكونوا في ستة أيام، وهذه الأيام الستة من أيام الله، وهي لا تشبه أيامنا التي نعيشها الآن على الأرض، لأننا نحسب اليوم بدورة الأرض مرة حول نفسها أمام الشمس، وقديما لم تكن هناك شمس ولا أرض، والحساب إذن الحساب يختلف.. وطول اليوم يختلف ربما كانت بحسابنا الآن آلاف السنين أو ملايين القرون.. هذا غيب لا نعرف عنه إلا ما حدثنا به الله.. والغيب هو الشئ الذي يغيب عن عقلنا فلا ندركه.. وكل ماغاب عنا وحدثنا عنه الله فهو وحده الصدق..

ولقد حدثنا الله أنه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش.. خضع له كل شئ، وسجد له كل شئ، وقدسه كل شئ، واحتاج إليه كل شئ، والله هو الغني الذي لا يحتاج لأحد.. ويحتاج إليه كل أحد.

الملائكة والجن

عاشت في السماء كائنات خلقها الله من النور وسماهم بالملائكة.. والملائكة جنود الله، وهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون..

وعاشت بين السماء والأرض مخلوقات خلقها الله من النار وسماهم الله بالجن، والجن مخلوقات لا يراهم أحد وفيهم الطيب ومنهم الفاسد..

وعاشت على الأرض حيوانات تفسد فيها وتحارب وتسفك الدماء..

آدم

وانصرفت مشيئة الله تعالى إلى خلق آدم. قال تعالى للملائكة :

-        " إني جاعل في الأرض خليفة " ..

ونظر الملائكة إلى الأرض فوجدوا أن المخلوقات التي تعيش عليها تفسد فيها وتسفك الدماء، بينما الملائكة يسبحون بحمد الله ويقدسون له.. وتساءل الملائكة على سبيل الإستفهام والرغبة في المعرفة.. قالوا :

" أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟ "

وكان الملائكة بفطرتهم البرئية التي لا تتصور إلا الخير والنقاء، يعتقدون أن التسبيح بحمد الله والتقديس له هو وحده الغاية المطلقة للوجود.. وهذا السبب متحقق بوجودهم هم.. وسؤالهم يصور دهشتهم لأنهم لا يعتقدون أن هناك سببا آخر أو غاية أخرى للخلق.. ومعنى سؤالهم أنهم لا يعرفون حكمة الله وأسباب تحققها في الأشياء.. ولهذا قال الله سبحانه وتعالى :

-        " إني أعلم ما لا تعلمون "

أراد الله سبحانه وتعالى أن يقول لملائكته الكرام، انه يعلم الحكمة من خلق آدم وهم لا يعلمونها. ولن يكون آدم مثل المخلوقات التي تسفك الدماء على الأرض وتفسد فيها، ولن يكون آدم مثل الملائكة يسبح بحمد الله ويقدس له. سيكون آدم نوعا جديدا من المخلوقات.. وستحقق بوجوده حكمة عليا لا يدربها أحد غير الله. حكمة المعرفة.

 

 

 

 

الأمر الإلهي

أصدر الله سبحانه وتعالى أمره للملائكة فقال لهم أنه سيخلق بشرا من طين، فإذا سواه ونفخ فيه من روحه فينبغي للملائكة أن تسجد له سجود تكريم لا سجود عبادة.. لأن سجود العبادة لله وحده. وجمع الله سبحانه وتعالى قبضة من تراب الأرض فيها الأبيض والأسود والأصفر والأحمر، ولهذا يجئ الناس ألوانا مختلفة.. ومزج الله تعالى التراب بالماء فصار كالصلصال، ثم خلق آدم، ونفخ فيه من روحه..

وتحرك جسد آدم ودبت فيه الحياة.. صار إنسانا يتنفس.. فتح آدم عينيه فرأى الملائكة كلهم ساجدين له.. ما عدا واحدا يقف هناك.. لم يكن آدم قد عرف أي نوع من المخلوقات هذا الذي لم يسجد له.. لم يكن يعرف اسمه.. قال الله تعلى مخاطبا المخلوق الذي رفض أن يسجد :

-        " يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ؟ "

رد إبليس بصوت خافت :

-        " أنا خير منه.. خلقتني من نار وخلقته من طين.. "

قال الله تعالى لإبليس :

-        " فاخرج منها فإنك رجيم. وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين. "

وخرج إبليس مطرودا من رحمة الله وهو يهدد آدم ويعد الله أنه سيغويه.

الأسماء

كان آدم يتابع ما يحدث حوله ويحس بالحب والرهبة والدهشة.. حب عميق لله الذي خلقه وكرمه، وأسجد له الملائكة.. ورهبة من غضب الخالق حين طرد إبليس من رحمته.. ودهشة من هذا المخلوق الذي يكرهه ويتصور أنه أفضل منه. ويتمنى له الضرر.

ومنذ اللحظات الألى للميلاد أدرك آدم أن إبليس عدوه.. وإبليس كان من الجن ثم فسد وعصى أمر الله، وكان يقف مع الملائكة حين صدر إليهم الأمر بالسجود لآدم فلم يسجد.. أدرك آدم أن إبليس رمز الشر كما أدرك أن الملائكة هم رمز الخير.. أما هو نفسه فلم يكن يعرف نفسه حتى هذه اللحظة.. ثم اطلعه الله سبحانه وتعالى على حقيقته وحكمة خلقه وسر تكريمه..

وعلم آدم الأسماء كلها..

علم الله سبحانه وتعالى آدم أن يرمز للأشياء بأسماء.. هذه عصفورة، وهذا نجم.. وهذه شجرة، وهذا جبل، وهذه طائرة، وهذا هدهد وهذه ذرة.. إلى آخر الأسماء.. وتعلم آدم الأسماء كلها.

والأسماء هنا هي العلم.. هي المعرفة.. وهذه هي الغاية من خلق آدم وهي السبب في تكريمه..

بعد أن تعلم آدم الأسماء كلها.. أسماء الأشياء.. عرض الله هذه الأشياء على الملائكة وقال :

-        " انبئوني بأسماء هؤلاء."

ونظر الملائكة فيما عرض الله عليهم فلم يعرفوا أسماءه.. واعترفوا لله بعجزهم عن تسمية الأشياء أو استخدام الرمز في التعبير عنها.. قال الملائكة :

" سبحانك.. لا علم لنا إلا ما علمتنا.. إنك أنت العليم الحكيم.. "

قال الله تعالى لآدم : " يا آدم انبئهم بأسمائهم.. " وحدثهم آدم عن كل الأشياء التي عرضها الله عليهم ولم يعرفوا أسماءها وفهم الملائكة أن آدم هو المخلوق الذي يعرف.. وهذا أشرف شئ فيه قدرته على التعلم والمعرفة..

وأدرك الملائكة لماذا أمرهم الله بالسجود له.. كما عرفوا السر في أنه سيصبح خليفة في الأرض يتصرف فيها ويتحكم فيها.. بالعلم والمعرفة.

حواء

كان آدم يعرف أسماء كل شئ، وكان يتحدث أحيانا مع الملائكة، لكن الملائكة مشغولين عنه بعبادة الله، ولهذا كان آدم يحس بالوحدة.. ونام آدم يوما فلما استيقظ وجد عند رأسه امرأة تحدق في وجهه بعينين جميلتين ورحيمتين.. وربما دار بينهما هذا الحوار :

سألها آدم – لم تكوني هنا قبل أن أنام!!.

قالت : نعم

قال : جئت أثناء نومي إذن.

قالت : نعم

قال : من أين جئت..؟!

قالت : جئت من نفسك. خلقني الله من صدرك وأنت نائم.. ألا تريد أن تستعيدني إلى صدرك وأنت مستيقظ.

قال آدم : لماذا خلقك الله؟

قالت حواء : لتسكن إلى

قال آدم : حمدا لله.. كنت أحس بالوحدة..

سألته الملائكة عن اسمها.. قال إن اسمها حواء.. سألوه لماذا سميتها حواء يا آدم. قال آدم لأنها خلقت مني. وأنا إنسان حي..

وأمر الله آدم أن يسكن هو وزوجته الجنة.. ودخل آدم مع حواء إلى الجنة.. وهناك عاشا أجمل أيام عرفاها في حياتهما، وهناك أيضا مرا بأقسى تجربة مرت بهما.

في الجنة

كانت حياة آدم وحواء في الجنة شيئا يشبه الحلم الجميل الملون. وعندما نريد شيئا في الحلم نراه يتحقق. وفي الجنة تتحقق كل الأحلام حتى المستحيلة.. لا تكاد تتمنى شيئا في الجنة حتى تجده أمامك.. الطعام والشراب والمسكن والراحة.. الحب والهدوء والسلام والطمأنينة.. لون الأشياء جميل وشفاف ورائحة العطر تملأ الجو حولك.. وعرف آدم معنى السعادة الداخلية حين صار مع حواء في الجنة.. لم يعد يحس بالوحدة.. كان يتحدث مع حواء كثيرا، وكانا يلعبان ويسيران ويستمعان لغناء العصافير وتسبيح الأنهار وموسيقى الوجود البكر قبل أن يعرف الوجود معنى الأحزان والآلام.... وكان الله قد سمح لهما بأن يقتربا من كل شئ وان يستمتعا بكل شئ ما عدا شجرة وحيدة ربما كانت شجرة الألم. قال الله لهما قبل دخول الجنة

– " لا تقربا هذه الشجرة، فتكونا من الظالمين ".

وفهما آدم وحواء أنهما ممنوعان من الأكل من هذه الشجرة.. غير أن آدم إنسان والإنسان ينسى،

وقلبه يتقلب وعزمه يضعف.. واستغل إبليس إنسانية آدم وجمع كل حقده في صدره وراح يوسوس إليه يوما بعد يوم :

-        هل تعرف لماذا أمرك الله أن تبتعد عن هذه الشجرة يا آدم.. هذه شجرة الخلود.. لو أكلت منها لن تموت ستصير ملاكا لو أكلت منها أنت وحواء..

ومرت الأيام وآدم وحواء مشغولان بالتفكير في هذه الشجرة.. ثم قررا يوما أن يأكلا منها.. نسيا أن إبليس عدوهما القديم.. ومد آدم يده إلى الشجرة وقطف منها إحدى الثمار وقدمها لحواء.. وأكل الاثنان من الشجرة المحركة.

الخروج

لم يكد آدم ينتهي من الأكل حتى أحس أن صدره ينقبض.. أحس بالألم والحزن والخجل فجأة. تغير الجو حوله وسكتت الموسيقى العذبة التي كانت تنبعث من داخله.. اكتشف أنه عار وأن زوجته عارية.. اكتشف أنه رجل وأنها امرأة.. وبدأ هو وزوجته يقطعان أوراق الشجر لكي يغطي بها كل واحد منهما جسده العاري.. وأصدر الله أمره بالهبوط من الجنة.. وهبط آدم وحواء إلى الأرض.. خرجا من الجنة. كان آدم حزينا وكانت حواء لا تكف عن البكاء.. وكانت توبتهما صادقة فتقبل الله منهما التوبة.. وأخبرهما الله أن الأرض هي مكانهما الأصلي.. يعيشان فيها، ويموتان عليها، ويخرجان منها يوم البعث.. وبدأت الحياة على الأرض.

في الأرض

تراب.. وشقاء.. وتعب.. عرف آدم أنه ودع الراحة والنعيم حين خرج من الجنة. كان عليه أن يبني بيتا يقيه من الحر والبرد والمطر، وكان عليه أن يزرع النبات ليأكل، وكان عليه أن يحمي نفسه بالملابس والأسلحة ويحمي زوجته وأطفاله من الحيوانات والوحوش التي تعيش في الأرض.. وكان عليه قبل هذا كله وبعده أن يستمر في صراعه مع إبليس.. إن إبليس هو السبب في خروجه من الجنة.. وهو في الأرض يوسوس له ولأولاده بالعصيان.. والمعركة بين الخير والشر لا تتوقف، ومن يتبع هدي الله فلا خوف عليه ولا يحزن.. ومن يعص الله، ويتبع إبليس الذي خلق من النار فهو معه في النار..

فهم آدم هذا كله مع الشقاء الذي بدأت به حياته على الأرض الشئ الوحيد الذي كان يخفف من حزنه.. أنه قد جاء إلى الأرض خليفة فيها.. جاء سلطانا عليها، وعليه أن يخضعها، ويستعمرها، ويزرعها، ويبنيها ويعمرها، وينجب فيها أطفالا طيبين يغيرون شكل الحياة ويجعلونه أفضل.. والأرض امتحان لنفس الانسان.. وكل واحد فينا يجب أن ينجح في الامتحان..

 العدد القادم .. قصة نوح عليه السلام

 

إرسال تعليق

0 تعليقات