العدد 114 من مجلة ميكي بتاريخ يونيو 1963
العدد 114 من مجلة ميكي الصادر بتاريخ : 27 يونيو 1963 م
انا و حمار عم منصور !
بقلم فهمي عبد الحميد
( عم منصور ) ، رجل طيب كبير السن ، ولكني كنت اكرهه ! انه يوقظني كل يوم من النوم ليذهب بي الى المدرسة التي تبعد عن بلدنا بأكثر من 2 كيلو متر ، فيحملني على حماره .
و كثيرا ما تمنيت التخلص منه ومن حماره الشقي . و كنت أضحك عليه كثيرا على شفتيه المكتنزتين ، وعينيه الواسعتين ، و طاقيته الصوف القديمة التي لم تتغير ! الى ان جاء ذلك اليوم الذي مرضت فيه وارتفعت حرارتي ، و أصبحت في غيبوبه تهيأت لي فيها مناظر عجيبه و مخيفة ، منها ان بعض قطع حمراء كبيرة تقع من سقف حجرتي فوق رأسي ! و انني رأيت ( عم منصور ) يقع هو و حماره في الترعة الكبيرة ! و انني ارتحت منه ومن حماره الشقي ، ولن اذهب الى المدرسة ! .. ثم يقفز الى رأسي قطار المحطه ويقلب دماغي بصفيره الفظيع !
كل هذه الصور تهيأت لي في غيبوبتي ، وسمعت صوت والدتي تناديني و تقول : - ( مدحت ) ! يا حبيبي .. ياه ! الولد سخن اوي يا ( حليمة ) ! اصح يا ( مدحت ) ! و حاولت ان افتح عيني ، فرأيت والدتي تضمني الى صدرها ويدها الدافئه فوق رأسي ، و رأيت (دادة حليمة ) واقفة بجانبها وفي احدى يديها كوب من الماء ، وفي اليد الاخرى قرص من ( البرشام ) .. و رأيت امامي مباشرة ( عم منصور ) ! نعم .. هو ( عم منصور ) ، يعني لم يقع في الترعة ! و مازال حماره واقفا على باب المنزل في انتظاره، أو في انتظارنا ، ولكني قلت له : - ( عم منصور ) .. أنا مش رايح المدرسة ! أنا عيان ! قولي له يا ماما يمشي و ياخد حماره ! قولي له يا ماما ! و نظرت الى ( عم منصور ) فوجدته يبكي ! نعم كان يبكي مثل الاطفال ، مثلي أنا و مثل ( حسن ) و ( حنفي ) ابن عم ( متولي ) ، و كل الاولاد ! و سمعته يقول : سلامتك يابني الف سلامة ! و ارتعشت كلماته و هو يبكي ، و لم اصدق ان عم ( منصور ) يبكي فقلت لوالدتي : - هو بيعيط ليه يا ماما ؟ هو زعلان مني عشان بقوله امشي ؟ طيب خليه .. بلاش يمشي !
و قال ( عم منصور ) : ( انا قاعد اهو ياسي ( مدحت ) ربنا يشفيك وترجع بالسلامة ! )
قلت له : (طيب انت بتعيط ليه ؟ هو انت طفل صغير زينا ؟! )
فقال : ( انا بعيط علشانك يا حبيبي ! عايزك تخف وترجع تاني لمدرستك )
فقلت له : ( طيب انا خفيت خلاص .. اضحك بقى ! حاركب معاك حمارك بكرة و أروح المدرسة ! )
فابتسم الرجل الطيب و قال : ( عم منصور ) و حمار ( عم منصور ) تحت امرك !
وشفيت ، و تحسنت صحتي .
وفي يوم السبت الماضي استيقظت على صوت ( عم منصور ) يقول : ( اصح يا سي ( مدحت ) ! الساعة بقت سابعه ! )
ونظرت الى ( عم منصور ) و أنا اقول له : ( صباح الخير يا ( عم منصور ) فين حمارك الشقي ؟ .. )
فابتسم و قال لي : ( تحت امرك ! )
و نهضت مسرعا استعد للذهاب الى المدرسة أنا و ( عم منصور ) على حمار ( عم منصور ) .
إرسال تعليق
0 تعليقات