العدد 957 مجلة ميكي أغسطس 1979
العدد 957 من مجلة ميكي الصادر بتاريخ : 23 أغسطس 1979م
العدد بصيغة CBR & PDF
القصص الواردة في هذا العدد :
سيتم الاضافة قريباً
اقرأ اون لاين من صفحات العدد :
قصه العدد
الينبوع!!
بقلم: عبدالرحمن نورالدين
جلس واضعاً يده على خده يفكر .. لقد اقترب أوان الحصاد والزرع لا يبشر بمحصول وفير .. انه يعلم أن أباه قد استدان حتى يستطيع الصرف على أرضه وما تحتاجه من أسمدة وأدوات زراعية وها هو المحصول يوشك أن يأتي ولكنه لا يبدو وفيراً ولا جيداً بما يغطي مصروفات الزراعة ويوفي الديون .
انه الماء الشحيح هو السبب .. لقد قلت الأمطار هذا الشتاء وعم الجفاف .. وقلت المياه في الجداول والترع القريبة. لم يكن يملك من الأمر شيئاً الا الدعاء والتضرع في كل الأوقات .
فجأة أحس بأنه يهتز هزة خفيفة .. نظر حوله في تعجب .. لا تغيير .. القرية مازالت هادئة والحقول تسبح في ضوء الشمس الساطع والحرارة والقيظ .. ما زالا في نفس الشدة والقسوة .
عادت الهزة وتبعتها هزات عنيفة ثم فجأة انقلبت الدنيا رأسا على عقب .. سقط على الأرض منكفئاً بينما رأى البيوت تتمايل والاشجار تقتلع وتسقط وتعالت أصوات الاستغاثة وصرخات الفزع في كل مكان غامت الدنيا واختفت الشمس وراء سحابة من تراب فجأة توقف كل شيء كما بدأ فجأة وساد سكون عميق لم يكن يبدده غير أصوات بعيدة مختلطة لكلاب تنبح وبعض أناس يتصايحون.
جلس على الارض ونظر حوله في ذهول .. عادت الشمس تسطع من جديد ولكن المنظر تغير .. لقد تساقطت بعض الاشجار حول المكان .. أحس بقطرات ماء تتساقط على رأسه ويديه .. نظر حوله متعجباً .. في وسط الحقل تماماً رأى نافورة من الماء تتدفق من باطن الارض وتندفع ملقيه بالماء حولها .. ينبوع من الماء العذب الرطب انبثق فجأة من باطن الأرض وأحال الحقل الى بحيرة ماء صغيرة بعد طول جفاف وهو يكاد يسمع النباتات في الحقل ترقص جزلا وهي تمتص الماء في شغف بعد العطش ..
في مركز أبحاث الطبيعة في المدينة القريبة جلس بعض العلماء حول مائدة صغيرة يتناقشون ويتجادلون .
اُبتسـمت أجهـــــزة « السمسوجراف » ، وهي أجهزة قياس الزلازل ، حدوث زلزال متوسط الشدة في فترة الظهيرة من عشرة أيام .. وأن مركزه كان ببعض القرى القريبة .. وكانت الخسائر محدودة لأنه لم يستمر سوى ثوان قليلة ..
لم يكن هذا الزلزال هو الذي يحير العلماء ولم يكن هو المجال الاساسي للنقاش والحديث وأن كان هو الاصل فيما يتجادلون فيه .. فقد كان مثال الحيرة والجدل ظهور ينبوع من الماء العذب في وسط الحقول في احدى القرى المصابة .. لقد أحال هذا الينبوع الزرع في هذا الحقل الى نوع من المحصولات التي لم ير لها مثيل من حيث الكم والنوع والغزارة غير المعقولة .. قاموا بتحليل مياه الينبوع .. ماء عذب كماء الآبار يحتوى على نسبة اعلى من الأملاح المعدنية وخاصة أملاح الكبريت .. وهذا أمر طبيعى ولكنه لا يفسر ما حدث من تأثير على المحصول .
قرروا الذهاب الى صاحب الحقل .. لم يجدوه في بيته .. ولكن قابلهم غلام صغير هو ابنه .. قابلهم بابتسامة رقيقة ورد على تساؤلهم بتأدب : لقد حدث كل شيء فجأة وانقلبت الدنيا من حولى ولكنى لا أذكر الا شيئاً واحداً وهو اننى قبل حدوث هذا الأمر كنت أردد آية من القرآن بدون ما أدرى لذلك سبباً ..
هذه الآية هي قوله تعالى : «تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب» ..
عاد العلماء وهم أشد حيرة وأن كانوا في قرارَة نفوسهم مقتنعين ..
--------------------------
انتقل الي العدد التالي : العدد
العودة الي العدد السابق : العدد

إرسال تعليق
0 تعليقات