العدد 934 مجلة سوبر ميكي مارس 1979

العدد 934 من مجلة سوبر ميكي الصادر بتاريخ : 15 مارس 1979م


مع العدد هدية //
دومينو عائلة ميكي


العدد بصيغة CBR & PDF




سيتم اضافة رابط PDF للعدد قريبا



القصص الواردة في هذا العدد : 


سيتم الاضافة قريباً



اقرأ اون لاين من صفحات العدد : 


العندليب

من الأدب العالمي . للأديب : هانز أندرسون

في قديم الزمن كان يحكم الصين امبراطور عظيم . يقيم في قصر فاخر تضرب به الامثال ، و حوله مجموعة من الحدائق الشاسعة الحافلة ، بكل ما ندر من الزهور و في أقصي الحدائق كانت هناك شجرة يسكنها بلبل صغير ، و كان صوت تغريده و غنائه يطرب الناس كما لم يطربهم أي غناء من قبل . و لم يكن الامبراطور يعرف عنه شيئاً لانه كان قلما يتجول في الحدائق .
 و في ذات يوم قام أحد الرحالة بتأليف كتاب عن ذلك القصر الفاخر و تلك الحدائق الغناء ، و قال أنه علي الرغم من كل ما فيها من جمال و روعة فإن أجمل شيئ فيها هو صوت غناء ذلك البلبل ، و وقع هذا الكتاب في يد الإمبراطور فأصابته دهشة كبري و قال :
- كيف يمكن أن يوجد هذا البلبل في مملكتي و انا لا أعرف عنه شيئاً ؟
و نادي الإمبراطور رئيس وزرائه و قال له :
- لماذا لم يحدثني أحد عن ذلك البلبل ؟
فقال له رئيس الوزراء :
- أنا شخصياً يا مولاي لا أعرف عنه شيئاً .
فقال الأمبراطور :
- ابحث عنه و أحضره هنا لكي يغرد في قصري .
- سمعاً و طاعة يا مولاي .
و راح رئيس الوزراء يسأل كل من في القصر عن ذلك البلبل ، فتبين أن أحد منهم لا يعرف عنه شيئاً .
و أخيراً أتت إحدي العاملات في المطبخ الملكي تقول :
- اني أعرف مكان ذلك البلبل ، و كثيراً ما استمتعت إلي أغانيه الجميلة كلما ذهبت لزيارة والدتي العجوز في أقصي الغابة . و كنت كلما استمعت إلي أغانيه أشعر بالدموع تتجمع في عيني.
- خذيني نورا إلي ذلك البلبل ، و سوف أستأذن لك في الحضور إلي حجرة العشاء الملكي و مشاهدة الإمبراطور العظيم وهو يأكل !
و انطلق رئيس الوزراء علي رأس وفد من أعضاء البلاط الملكي وراء الفتاه.
و ظلوا يسيرون و يسيرون حتي وصلوا إلي نهاية الغابة ، و هنا هتفت الفتاه و هي تشير إلي إحدي الأشجار :
- هنا يعيش البلبل ! 
فتابعوا اشارتها و أبصروا الطائر واقفاً علي أحد الأغصان .
و قال رئيس الوزراء :
- ان شكله لا يسر الناظرين !
و أيد الجميع قوله فقالت الفتاه:
- لا تحكموا عليه قبل أن تسمعوا صوته .
و صاحت تخاطب البلبل قائلة :
- أيها البلبل الصغير ..
ان مولاي الإمبراطور يريد أن يستمع إلي غنائك ! 
فقال البلبل :
- هذا شرف لي ! 
و شرع يغني ، فخيم الصمت علي الجميع و قد فعل بهم الغناء فعل السحر .
- جميل !
- رائع !
- لا مثيل له !
ثم قال البلبل متسائلاً :
- هل أغني للامبراطور أغنية أخري ؟
فقد كان يظن أن الامبراطور موجود بين الحاضرين ، فقال له رئيس الوزراء :
- أيها البلبل الجميل ، انك مدعو لكي تغني الليلة في حفل يقام بقصر الامبراطور !
فقال البلبل :
- ان صوتي أكثر جمالاً بين أغصان الشجر ، ولكنني لا أستطيع أن أعصي أمر الامبراطور .
و سار الركب عائدا إلي القصر ، و البلبل يتبعهم . و كان الامبراطور قد أعد العدة لإستقبال البلبل ، و عند وصوله أشار الامبراطور إلي البلبل آمراً إياه بالغناء . فلما شرع في الغناء خيم علي الجميع صمت شامل عميق ، و ترقرقت الدموع في عيني الامبراطور ، و انحدرت علي خديه ، فلما انتهت الاغنية التي سحرت الجميع قال أحدهم :
- إنه معجزة !
و قال آخر :
- من يصدق أنه كان موجوداً في الغابة طول الوقت و نحن لا نعرف !
و قال رئيس الوزراء :
- يبدو أن صاحب الجلالة قد استمتع بالغناء ! 
فمسح الامبراطور دموعه عن خديه و قال : 
- لقد استمتعت به أعظم إستمتاع ، و يجب أن أقدم له هدية نفيسة .
- لا أطلب هدية يا مولاي ، يكفيني أنني رأيت الدموع في عيني مولاي و أدخلت السرور علي قلبه .
و أصدر الامبراطور أمراً بأن يمكث البلبل في القصر ، و أن يقيم في قفص من الذهب ، و يسمح له بأن يطير منه مرتين في اليوم . و خصص لخدمته عشرة من الخدم ، و كان اذا خرج لنزهته ساروا وراءه ، و في ذات يوم وصل إلي القصر " طرد " كبير كتبت عليه كلمة " البلبل .
قال الامبراطور :
- لابد أنه كتاب جديد عن البلبل الشهير .
- و لكنه لم يجد كتاب و إنما وجد لعبه في شكل بلبل صناعي يشبه البلبل الطبيعي تماماً و كان جسم البلبل مرصعاً بالماسات و اللآلئ و اليواقيت التي تلمع في الضوء و تبهر العيون .
- و كان له مفتاح يدار فيبدأ البلبل في الغناء بصوت جميل مثل البلبل الحقيقي . فاعجب الإمبراطور بهذه الهدية إعجاباً شديداً و قال : 
- إنه معجزة هندسية .
و أمر بأن يوضع مع البلبل الحقيقي لكي يغني مع الآخر سوياً . و لكن الخطة لم تنجح ، فقد كان البلبل الحقيقي يرتجل الالحان و يتصرف فيها ، أما البلبل الصناعي فيغني لحناً جامداً لا يتغير . فأمر الامبراطور بأن ينفرد البلبل الصناعي بالغناء ، و راح يستمع إليه حتي اشتاق يوماً إلي صوت البلبل الحقيقي . غير أنه فوجئ بأن البلبل الحقيقي قد انتهز فرصة انشغال الجميع بالبلبل الصناعي و طار إلي غابته الخضراء .
صاح الامبراطور في غضب :
- كيف يجرؤ علي ذلك ؟!
و حرم الامبراطور علي الناس أن يذكروا اسم البلبل الحقيقي ، و وضع البلبل الصناعي بجانب فراشه وسط عشرات التحف الثمينه .  و في ذات ليله بينما البلبل يغني ، صدرت عنه أصوات غريبة مفاجئه ، ثم سكت عن الغناء تماماً . فهب الامراطور من فراشه مذعوراً و نادي كبير أطباء القصر ليصلح البلبل ، فاعتذر الطبيب بأنه لا يعرف شيئاً عن أسرار الكائنات الصناعية. 
فاستدعي الامبراطور أكبر خبراء الساعات ، و نجح هذا في أن يصلح من أمر البلبل و يعيد له القدرة علي الغناء ، غير أنه صارح الامبراطور بأن الآله التي تشغل البلبل قد أصابها التلف ، و أن البلبل يجب أن يغني بأقل قدر ممكن .
فصار الامبراطور يستمع إليه مرة واحدة في السنة ، و مرت خمس سنوات قبل أن يسقط الامبراطور مريضاَ ، و تردد بين الناس أنه قد قارب نهايته . علي سريره يرقد شاحب الوجه ساكن الحركة خافت الأنفاس ، و شعر بشيئ تقيل فوق صدره ففتح عينيه و نظر إلي الطائره الصناعي و قال له :
- أتوسل إليك أن تغني لكي يستريح قلبي ! 
و لكن البلبل ظل جامداً كالحجر و لم ينطق بأي نغم. 
صمته مخيف يخيم علي الحجرة .
و فجأة تسلل من خلال النافذة أجمل صوت في العالم ، صوت البلبل الحقيقي الذي سمع عن مرض الامبراطور فأتي ليغني له و يبث فيه الأمل . 
قال الامبراطور :
- لقد انقذت حياتي أيها البلبل 
فقال البلبل :
انني سوف أحضر كثيراً لكي أغني لك و أدخل السعادة علي قلبك . علي انني لن أقيم في القصر ، و سوف أحضر عندما أريد .
قال الامبراطور : 
- افعل ماتشاء أيها البلبل العزيز ، و أرجو ألا تغيب عني طويلاً 
فقال البلبل :
- سوف احضر كل يوم عند الغروب ، لكي أغني لك عن أفراح الناس و آلامهم ، لعلك تعمل علي تخفيف الآلام 
- أعدك بذلك أها البلبل 
- و الآن سأغني لك أغنية أخيره تجلب إليك نوماً مليئاً بالاحلام السعيده .
و راح البلبل يغني حتي نام الامبراطور هانئا سعيداً .
و اشرقت شمس الصباح و تسلل إلي حجرة الامبراطور رجال الحاشية و قد ظنوا أنه قد مات ، فإذا به حي يفيض بالصحة و العافية ، و إذا به يحدثهم عن حياه جديدة مقبله مليئة بالخير و الحب و السلام !


--------------------------


انتقل الي العدد التالي العدد 935

العودة الي العدد السابق : العدد 933

إرسال تعليق

0 تعليقات