العدد 406 من مجلة ميكي بتاريخ يناير 1969

العدد 406 من مجلة ميكي الصادر بتاريخ : 30 ينـاير 1969 م

العدد بصيغة CBR &PDF



سيتم وضع رابط للتحميل PDF  قريبا

للتحميل اضغط هنا

مباراة كرة في الطائرة 

بقلم محمود سالم  

في مطار لندن الضخم تطير طائرة كل خمس دقائق ، و تحس بأنك تائه في المطار الكبير . لهذا تجمعنا نحن المصريين معا في انتظار دعوتنا بالميكروفون لركوب الطائرة المتجهة الى القاهرة . و بين الركاب كانت هناك اسرة مصرية ، لها ولد صغير يدعي (( مروان )) . وكان (( مروان )) شيطانا صغيرا ، لا يكف عن الجري في المطار الواسع ، و كانت مهمة والده و والدته الجري خلفه ، و العثور عليه مختفيا هنا وهناك ، و اخيرا اعلن مكبر الصوت عن استعداد الطائرة ، و اتجهنا جميعا اليها و عندما وصلت الى مقعدي كان (( مروان )) يجلس هادئا ، يتفرج على الطائرة الضخمة وينظر من النافذة الكبيرة . 

و ظل (( مروان )) هادئا ، وحمدت الله انه لم يحدث اي شغب حتى الان و لكن ما كادت الطائرة تاخذ طريقها ، فوق السحاب ، و لم يعد في الاماكن رؤية شئ الا السحاب تحتنا والسماء فوقنا حتى اخرج (( مروان )) كرة صغيرة انطلق بها في ممر الطائرة صائحا : مفيش حد يلعب ؟!! 

وضحك الركاب ، وجاءت المضيفة الرقيقة  و اخذت تحدثه عن الطائرة ، والخطر الذي نتعرض له من الهزات ، و استمع اليها (( مروان )) صامتا وظننا جميعا انه سيستمع الى النصيحة و فعلا جلس (( مروان )) في مقعده و طلب كوبا من عصير الليمون . 

و فجأة بدأت الطائرة تهتز بشدة ، وسمعنا قائد الطائرة يقول في مكبر الصوت : ارجو ان تلزموا اماكنكم .. اربطو الاحزمة .. لا تدخين . 

وظهرت الارشادات الحمراء على باب الطائرة الداخلي ، و جلسنا جميعا في صمت و نحن نحس بالطائرة ترتج ، وتصعد وتهبط وتتلوى .. و أدركنا ان الطائرة تتعرض (( لمطب جوي )) عنيف ، وأننا جميعا في خطر . 

و شعرت بالخوف ، كما شعر به كل الركاب و بدأت السيدات تبكين في صمت ، و أخذ الرجال يدعون الله ان ينقذنا .. و أصبح الجو داخل الطائرة متوترا وحزينا ، ولم يعد احد يتكلم مطلقا و في وسط هذا الصمت والخوف ، و قف (( مروان )) وقذف بالكرة في ممر الطائرة وصاح : 

-(( اية السكوت دة انتم خايفين ولا اية ؟  

ولم يرد احد 

فعاد مروان يقول : 

(( طيب اللي مش خايف ، يلاعبني ماتش كورة )) !! 

وبدا الركاب ينظرون اليه ، و ابتسم بعضهم ، و اخذ (( مروان )) ينظر الينا واحدا واحدا ، وكانت عيناه تلمعان بالشجاعة والثقة ، وبدا كأنه اشجع منا جميعا  

و فجأة ، ولدهشتنا الشديدة ، وجدنا (( مروان )) ينطلق الى باب الطائرة والكرة في يده قائلا :  

(( ان مكانش حد راح يلاعبني ، انا راح اطلع بره الطيارة و العب لوحدي . )) 

و نسينا جميعا خوفنا ، و أخذنا نضحك بشدة لهذة الفكرة الخرافية ولم نكد ننتهي من الضحك حتى كانت الطائرة قد تجاوزت المطب الجوي وأخذت تسير بهدوء و أحسسنا ان (( مروان )) استطاع ان يعيد الينا الثقة ، بثقته بنفسة او خفة دمة فتسابقنا اليه كل منا يريد ان يقبله . 

إرسال تعليق

0 تعليقات